كيف نزرع الفضائل في نفوس أطفالنا؟
يلعب الأهل دوراً كبيراً في نشأة الطفل، وترعرعه على المكارم الخلقية والفضائل النفسية خاصة إذا توفر للولد عاملان أساسيان هما التربية الإسلامية الفاضلة والبيئة الصالحة. فإن الولد ولا شك سينشأ على الإيمان بالله والتخلق بأخلاق الاسلام.
فالتربية الاسلامية ضرورية في تنشئة الجيل الاسلامي، فالرسول (ص) أكد على أهميتها في أكثر من حديث شريف بقوله: "لأن يؤدب الرجل ولده، خير من أن يتصدق بصاع"، وفي حديث آخر قال رسول الله (ص): "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" هذان الحديثان لرسول الله (ص) يبرزان أهمية توفر تربية صالحة من قبل آباء صالحين وتوفر بيئة صالحة من قبل أصدقاء صالحين ورفقاء مؤمنين مخلصين لدين الله. فلا شك بأن الولد سيتربى على الفضيلة والإيمان والتقوى.
ومن الأخطاء الشائعة في مجتمعاتنا إن البشر يولدون أخياراً أو أشراراً وانه لا يمكن تغيير الشر الكامن في الإنسان،ك ما انه لا يمكن تغيير الخير المتأصل فيه.
هذه الدعوة الباطلة التي يروجها البعض مرفوضة شرعاً وعقلاً وتجربة.
مرفوضة شرعاً لقوله تعالى: (وهدينا النجدين) وعقلاً فلأن الله سبحانه وتعالى أنزل الكتب وأرسل الرسل في سبيل اصلاح الانسان وسعادته في دنياه وآخرته، وإلا لماذا اهتمام الحكومات في وضع المناهج والقوانين؟ ولماذا تشرف على تأسيس المدارس والمعاهد والجامعات وتقوم بتعيين المتخصصين من علماء التربية والأخلاق.
هذه التساؤلات توصلنا إلى أن الانسان خلق مفطوراً على الخير والشر معاً. فإذا تيسرت للطفل التربية والبيئة الصالحة نشأ على الإيمان وحب الخير والفضيلة. وكان في المجتمع إنساناً مؤمناً.
- كما تزرع.. تحصد:من الملاحظ أن الإنسان مهما عاش طويلاً في بيئة الضلال والفساد وبلغ فيه الإجرام والشقاء كل مبلغ وقد اذاق المجتمع من وبال شروره وآثامه. فإذا توفر لهذا الانسان رفيق صالح أو داعية مخلص، سينتقل ولا شك من حياة الشقاء إلى روضة السعادة ومن بيئة الإجرام إلى عالم التقى والإيمان.
والبذرة حين يضعها الزارع في أرض خصبة ويتعهدها بالماء والسماد ويحميها من الحشرات ويقوم أغصانها فإنها ستنمو ويقطف الإنسان من ثمارها ويتفيأ ظلالها.
أما إذا كتب لها التقصير والإهمال، فإنها لا تؤتي أكلاً ولا تعطي زهراً وثمراً.
كذلك النفس الإنسانية وما فيها من قابليات واستعدادات حينما نتعهدها بالأخلاق الفاضلة ونمدها بالعلوم ونرفدها بالعمل الصالح فإنها تنشأ على الخير وتدرج على الكمال. أما إذا أملناها حتى علاها صدأ الجهل وتراكمت عليها أنقاض العادات الذميمة فإنها ستنشأ على الشر والفساد.
ولتحاشي الأخطار الاجتماعية التي تهدد الأسرة الإسلامية عبر الأولاد يعتمد المنهج الاسلامي على عاملين أساسيين في الإصلاح والتربية، هما التلقين والتعويد.
لما كانت قابلية الطفل وفطرته في التلقين والتعويد أكثر قابلية من أي شيء آخر، كان لزاماً على الأهل أن يركزوا على تلقين الولد أعمال الخير وتعويده على ذلك منذ أن يعقل ويفهم حقائق الحياة وذلك لحديث الرسول(ص): "افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله" فهذا هو الجانب النظري، أما العملي فهو تهيئة الولد وتعويده على أن يؤمن في قرارة نفسه وأعماق وجدانه أن لا خالق ولا مبدع إلا اله سبحانه وتعالى ولا يكون ذلك إلا عن طريق الآثار التي يراها الطفل كالسماء والأرض والبحر وغيرها من المخلوقات ليستنتج ذهنياً ويستدل عقلياً على أن المؤثر والخالق هو الله عزوجل.
والحقيقة التي يصل إليها الأهل مع الولد إن هذا الكون مليء بالموجودات التي تقع تحت نطاق السمع والصر لا يمكنها أن توجد نفسها باعتبار أنها جامدة ولا تتصف بعقل ولا تدبير إذن لابد لها من موجود إلا وهو الله.
وهكذا يستطيع الأهل أن يصلوا بالولد إلى الإيمان بالله المبدع عن طريق التأمل والتفكر في خلق السماوات والأرض من طريق التدرج معه من المحسوس إلى المعقول ومن جزئي إلى الكلي حتى يقتنع الولد وجدانياً وعقلياً في قضية الإيمان عن حجة وبرهان.
أما الجانب العملي، فهو تعويد الطفل وتعليمه أحكام الصلاة وعدد ركعاتها وكيفيتها ثم تعويده إياها بالملاحقة والمثابرة وأدائها في المسجد حتى تصبح عنده خلقاً وعادة. إضافة إلى ذلك على الأهل ترويض الأولاد وتدريبهم على الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه، فمثلاً إذا وجد الأهل ان ولدهم ارتكب فعل منكر أو اقترف إثماً من سرقة أو شتيمة يحذروه بقولهم: ان هذا منكر وحرام.
هذه الأساليب تساعد الأهل على زرع الفضائل النفسية والمكارم الخلقية في نفوس أطفالهم وتجعل منهم أشخاصاً متوازنين مع أنفسهم وعلى الأغلب سينشؤون على العقيدة الإسلامية الراسخة والخلق القرآني الرفيع.
ويكونوا قد انطلقوا بمسؤولياتهم وقاموا بواجباتهم وبرؤوا ذمتهم أمام الله ورسخوا في المجتمع دعائم الأمن والاستقرار.