الإكثار من حمل المولود.. عادة ليست صحية
دراسة هولندية تؤكد أن القماط يخفف من بكاء المواليد الجدد
الرياض: د. عبير مبارك
في دراسة علمية متقدمة وطريفة لفهم سلوكيات الأطفال الرضع، ولوضع نصائح صحية للأمهات والآباء حول كيفية العناية بهم في المرحلة المبكرة من العمر، يقول العلماء من هولندا إن الأدلة العلمية تثبت أن لف القماط حول جسم الوليد يُسهم في تخفيف نوبات البكاء لديه، لكن هذا قد لا يُفيد في تخفيف بكاء من تجاوز منهم سن شهرين من العمر. كما ولاحظوا أن الأطفال الرضع، ممن سنهم أقل من اثني عشر شهراً، يبكون أقل حينما يتبع أمهاتهم وآباؤهم نظاماً متكرراً في التعامل معهم، وأيضاً حينما يُبقون الأجواء المنزلية هادئة والضوضاء منخفضة فيه.
ويُعرف الأطباء حالة البكاء المفرط لدى الطفل الرضيع بالبكاء لأكثر من ثلاث ساعات في طوال اليوم كله، على الأقل يوماً واحداً خلال أسبوع مضى. وهي حالة قد تُعرض الطفل لأذى بعض الآباء أوالأمهات ممن لا يُحسنون التصرف معهم آنذاك. وكثير من الآباء أوالأمهات قد يلجأ بحسن نية وبعاطفة صادقة نحوحمل الطفل الرضيع الذي يبكي، ما يُضيف نوعاً من التنبيه المستمر للطفل ويحرم الطفل من تعلم كيفية الخلود للنوم من دون معونة من أي أحد من والديه أوإخوته أومربيته.
* لفّ الطفل
* ولف الطفل الرضيع بقطعة من القماش بشكل محكم، أوما يُسمى القماط، سلوك بشري قديم في العناية بالطفل. والدراسات الطبية تناولته بالبحث من جوانب شتى، لكن جانب المساهمة في إبقاء الطفل في هدوء ومنع إصابته بنوبات البكاء لم يتم دراسته بشكل واف. ولذا حاول الباحثون من المركز الطبي بجامعة أوتريخت في هولندا دراسة هذا الجانب.
وقام الباحثون، في دراستهم المنشورة في عدد أكتوبر (تشرين الأول) من مجلة طب الأطفال الأميركية، بمقارنة طريقتين للعناية بالأطفال الرضع من قبل والديهم، وشملت الدراسة 400 طفل يتميزون ببكائهم المفرط. وأُعطيت لأمهاتهم وآبائهم كلهم نصائح تتضمن المحافظة على أمرين هما الانتظام والتنبه. ويعني الأمر الأول اتباع وتيرة منتظمة ومتكررة من العناية والرعاية بشؤون الأطفال أولئك. مثل وقت النوم ووقت تقديم وجبات الرضاعة، وأوقات إما تركه وحيداً أثناء استيقاظه أوالتفاعل الإيجابي معه إما بالمناغاة أوالحديث أواللعب أوغيره. أما الأمر الثاني الذي نُصح الوالدان به هوالمحافظة على خفض مستوى المنبهات التي يتعرض لها الطفل. ثم تم نُصح الوالدين لنصف الأطفال وتم تعليمهم كيفية وضع القماط حول جسم الطفل الرضيع أثناء نومه، بينما النصف الآخر من الأطفال تُركوا ينامون بدون قماط.
ولاحظ الباحثون أنه بعد الأسبوع الأول من البدء بتطبيق الوالدين هذه النصائح، قلت مدة بكاء الطفل أثناء اليوم بمقدار ساعة، عما كان عليه في السابق. وبعد نهاية ثمانية أسابيع من اتباع النصائح تلك ومتابعة تأثيراتها على الأطفال، أصبح معدل بكاء الطفل منهم لا يتجاوز 40 دقيقة يومياً، مقارنة بمعدل مدة البكاء اليومي التي تجاوزت أكثر من ساعتين ونصف يومياً، قبل البدء باتباع النصائح. أي أن مدة البكاء اليومي قلّت إلى أكثر من الثلثين.
* القماط والبكاء
* كما لاحظ الباحثون، أن الأطفال الذين سنهم أقل من سبعة أسابيع من العمر، في وقت بدء تطبيق والديهم النصائح هذه، استفادوا بشكل أكبر من اللف بالقماط، مقارنة بالأطفال الذين في نفس سنهم ولم يتم وضع القماط حول أجسامهم. بينما من كان عمرهم أكثر من ثمانية أسابيع (شهرين) عند البدء، استجابوا بشكل أفضل لعدم وضع القماط، مقارنة بمن وُضعت حوله القماط في نفس العمر، ما يعني أن فائدة القماط في خفض مدة بكاء الطفل كانت أفضل، حينما يكون عمر الطفل أقل من شهرين، وبعد السن هذا فإن التزام الوالدين بتوفير الانتظام في أوقات التعامل مع الطفل وتوفير الهدوء المنزلي يكفيان في تحقيق خفض مدة بكاء الطفل.
وقال الباحثون إن النتائج تدل على أن لف القماط مفيد للأطفال حديثي الولادة حتى سن شهرين، وكذلك من يُولدون في وقت مبكر، قبل إتمام المدة الطبيعية للحمل وأيضاً الأطفال المولودون بأوزان ضئيلة وأقل من المعدل الطبيعي لها. وكل هؤلاء معروفون بتوترهم وسهولة بكائهم.
وتناولت الأبحاث الطبية في السنوات القليلة الماضية موضوع لف الأطفال حديثي الولادة بقطعة من القماش القطني، وهوما تفعله الممرضات عادة بالمولود مباشرة، بعد الولادة للحد من تحرك الطفل. ومما هو شائع أن القماط يُعطي الطفل شعوراً بالدفء والأمان، ما يُسّهل عليه الهدوء والخلود للنوم. وهو ما أيدته نتائج العديد من الدراسات. إضافة إلى أن بعضها أثبت جدوى ذلك، في مساعدة الطفل على النوم على ظهره، وتقليل فرص تكرار استيقاظه. وأضاف آخرون أن القماط يقلل من فرص اختناق الطفل بالمصاصة، أو إيذاء نفسه أو حالات موت الأطفال المفاجئ في المهد. والمهم هو إتقان كيفية وضع القماط حول جسم الطفل بعناية، لضمان سلامة الطفل من الاختناق بأجزاء منها، حينما تسد مجرى الهواء من خلال فم أو أنف الطفل، أو تعرضه للحرارة العالية نتيجة إحاطتها بالطفل، إضافة إلى وضعية الطفل وأطرافه داخل القماط بشكل سليم لا يُعرضه للإصابات.
* البكاء وأسبابه
* والمشكلة أن الطفل لا يقوى إلا على البكاء، للتعبير عن كل شيء يشعر به، بدءا من الضجر والملل، ومروراً بالجوع أو العطش أو الغازات في البطن أو تضايقه من ملابسه، ووصولاً إلى الألم من شيء محدد في أي منطقة من جسمه. وهو ما لا يُمكن التمييز بين أي منه. وملاحظة الطفل طوال الوقت تسهل على الأم أو الأب فهم تصرفات الطفل وتعبيراته بالبكاء.
والدراسة تقول إن وضع الوالدين لنظام في التعامل مع شتى الجوانب التي تهم الطفل، من التغذية والنوم والنظافة والمحافظة على هدوء في الأجواء المنزلية والنفسية لمن يُحيطون بالطفل، هي أهم جوانب تخفيف نوبات بكاء طفلهم. وعلى الوالدين إدراك وتذكر أن الطفل ضعيف البنية، خاصة في منطقة الرقبة، ولذا فإن الهدوء ضروري أثناء محاولة تخفيف نوبة البكاء لدى الطفل. أي بعيداً عن هز الطفل بعنف، ظناً أن ذلك يساعده علي الهدوء، أو الصراخ فيه، أو حتى كما يفعل البعض بضربه كي يهدأ!
* حينما لا يتوقف بكاء الطفل.. عليك الهدوء أثناء التعامل معه
* نصائح للأمهات من مايو كلينك > من الصعب على الأم رؤية رضيعها يبكي، وهي لا تستطيع التخفيف عنه أو إعطاءه الراحة. لكن بمقدور الأم فعل الكثير كي تخفف نوبة البكاء عن طفلها. والأساس هنا هو أداء الخطوات الأساسية، أي محاولة إطعامه وسقيه إن كان الجوع أو العطش سبب البكاء، وتغيير حفاضاته وتنظيفه إن ذلك هو السبب، وتعديل وضعية جسمه أو قماطه إن كان ذلك يُنغص عليه النوم. وربما كل ما يطلبه الطفل بصراخه هو قليل من الاهتمام. هذا مع عدم إغفال البحث عن أسباب مرضية عبر التنبه إلي وجود مؤشرات أي من الأمراض كارتفاع الحرارة أوالقيء أو تغير في نظام الأكل أو النوم. وإن كان كل شيء على ما يرام من تلك الجوانب، فإن على الأم الاحتفاظ بالهدوء مهما كان البكاء كي تُحسن التعامل مع الطفل عبر العناصر التالية:
ـ المحافظة على سلامة التفكير، فمجرد عدم قدرة الأم على وقف نوبة بكاء طفلها لا يعني أنها خذلته أو تكاسلت عن رعايته. لأن الأطفال ببساطة يحتاجون إلى البكاء أحياناً.
ـ تمهلي قليلاً، وخذي نفساً عميقاً، وكرري على نفسك