هذا النوع من الأكتئاب يصيب السيدات بعد الحمل سواء أنتهى الحمل بوضع طبيعي أو قيصري أو أجهاض. ويوجد من هذا الأكتئاب ثلاثه أنواع أو درجات:
الأولى: هوما يسمى أيضا Baby Blues وهو يحدث ربما لثلثي النساء بعد الوضع في أول أسبوع وهو لا تزيد مدته عن عدة ساعات الي 24 ساعه. في أثنائه تحس الأم بالرغبه في البكاء بدون سبب مفهوم والخوف على المولود والأحساس بأنها غير قادره على تحمل مسؤليته. وسرعان ما تتبدد هذه المخاوف والحزن وتعود الأمور لطبيعتها والأم الى أتزانها ومزاجها الطبيعي. وهذا النوع لا يحتاج الى تدخل طبي أو علاج ويكفي طمأنة الأم غالبا.
الثاني: يحدث غالبا بعد الوضع بأيام أوأسابيع ويحدث غالبا بالتدريج وأن كان ممكن أن يحدث بصوره حاده. في هذا النوع تحس الأم بالتعب وربما الأرهاق معظم الوقت. كما تزداد عصبيتها وسرعة أنفعالها وقد تسارع بضرب أبنائها لأتفه الأسباب. وكثيرا ما تعزف الأم عن الجنس ولا ترغب في هذه العلاقه الزوجيه مما قد يؤدي الى الكثير من المشاكل الزوجيه. وقد تحس الأم بأنها غير قادره على العنايه بالمولود وقد تفقد الأهتمام به وتحس أنه عبئا كبيرا عليها بل ومصدر أزعاج وتوتر. وتشتكي الأمهات الاتي يعانين من أكتئاب ما بعد الحمل أن الوليد قليل الحركه كثير النوم ويكون هذا غالبا لأي من الأسباب التاليه:
1- أن يكون الوليد كثير الحركه قليل النوم فعلا.
2- أن تكون السيدة التي تعاني من هذا الأكتئاب غير قادره جسديا ونفسيا على متابعة نشاط الطفل والعنايه به في حالة نشاطه الطبيعي.
3- قد يحس الطفل بتوتر أمه ويكون هذا هو رد فعله.
قد تصبح الأم غير قادره على رعايه طفلها مما يؤدي ألى أن يتولى أخر رعايته وغالبا ما يكون هذا الشخص هو أما أمها أو أم زوجها. وأذا طالت مده رعايه شخص أخر للمولود قد يؤثر هذا سلبيا على قوة الرابطه بين الأم والطفل مما تظهر أثاره فيما بعد في علاقة الأم والطفل في المستقبل حتى بعد النضوج.
قد تحس الأم بالخوف الشديد على وليدها وبأن مكروها قد يصيبه وتقوم بالليل للأطمئنان عليه وربما للتأكد أنه مازال حيا يتنفس. وقد تعتقد بدون سبب واضح أنه مشوه أو متخلف عقليا أو به مرض شديد بالقلب أو المخ.
قد تعاني الأم من آلام بالظهر والجسم والرقبه أو صداع ومن أي من أعراض الأكتئاب التي زكرناها في معرض الحديث عن الأكتئاب.
وعلاج هذه الحاله لا يختلف كثيرا عن علاج حالات الأكتئاب العاديه مع مراعاه الظروف الخاصه بالأم والمولود أهميه العنايه بهما بدون فصل الوليد عن الأم لفترات طويله.
ثالثا: هذه درجه شديده من الأكتئاب الذي غالبا ما يأخذ صورة حاده وشديده. قد يصاحب هذه الحاله هلاوس أو أعراض أخرى. وقد تفكر الأم في هذه الحاله في الأنتحار أو قتل وليدها والأنتحار لما تعتقده من المستقبل الكئيب الذي ينتظره فيكون قتلها له رحمة به.
وخطر الأنتحار موجود طبعا في كل حالات الأكتئاب ولكن قد يكون هناك خطر أيضا كما ذكرنا على الطفل من أمه أما أن تدفعها مخاوفها عليه على أذاه. وقد يعاني الوليد من أهمال أمه من حيث التغذيه والنظافه والعلاج أذا أصابه مرض. وقد تعاقب الأم الطفل الرضيع على بكائه للجوع أو العطش أو لأن حفاظته غير نظيفه وقد يكون هذا العقاب شديدا. وهكذا نرى أن هذه الحاله تشكل خطوره على الوليد والأم أيضا.
العلاج:
علاج هذه الحاله لا يختلف كثيرا عن علاج الأكتئاب عامه مع لزوم التنبه الي:
1- سلامه الطفل والعنايه به مع ملاحظه
2- عدم فصل الطفل عن أمه.
3- أن تعمل الأم على رعاية وليدها بقدر المستطاع على أن تساعد على هذا ولا يسلب منها هذه المسؤليه والتواصل مع طفلها حتي لا تتأثر الرابطه بينهما على المدى البعيد.
غالبا تستجيب هذه الحالات للعلاج الطبي وتشفى تماما. وقد تعاود هذه الحاله الأم بعد حالات الوضع المقبله. وقد تعاودها كحالة أكتئاب عادي بعد أي موثرات أخري بل وبدون أي مؤثرات. وأحيانا تتحسن الأعراض بدون علاج وقد يكون هذا التحسن تاما أو غير تاما.
ولعل أسوأ ما رأيت من هذا هو سيده عانت من أعراض الأكتئاب بعد الوضع لمده خمسة وعشرون عاما بدون علاج ولكنها أستجابت للعلاج بصوره ممتازه بحمد الله تعالى.
د.أحمد سعفان