في بداية إنشاء هذه الصفحة ، ارتأيت أن لا أتطرق إلى موضوع طرق العلاج للأشخاص المصابين بالتوحد ، نظراً لوجود طرق عديدة ، بعضها ذات طابع علمي لم تثبت جدواها بشكل منقطع ، وكثير منها ذات طابع تجاري بحت ، وربما يعوزها الدليل العلمي على نجاحها 0 ولكن نظراً لطلب الكثير من زوار هذا الموقع الحصول على معلومات حول طرق العلاج ، فقد قمت بإضافة هذه المعلومات 0
كما أنصح دائماً بالتشاور مع مراكز التوحد المحلية الموجودة في المنطقة العربية ، والتعاون معهم عند التفكير في الذهاب للخارج لتجربة إحدى طرق العلاج المستخدمة للتوحد 0
فيما يلي نبذة عن بعض طرق العلاج المتوفرة للأشخاص المصابين بالتوحد ، علماً بأنه يجب التأكيد على أنه ليست هناك طريقة علاج واحدة يمكن أن تنجح مع كل الأشخاص المصابين بالتوحد ، كما أنه يمكن استخدام أجزاء من طرق علاج مختلفة لعلاج الطفل الواحد 0 ولعل الطابع " الربحي " لمعظم المؤسسات التي ابتكرت وطورت طرق العلاج هذه يجعل الواحد يتردد في ترجيح أحدها على الأخرى 0
هذا وقد قمت بتقسيم بعض طرق العلاج المستخدمة إلى قسمين ، بناء على قناعتي الشخصية ، وعلى آخر المعلومات المتوفرة في مجال دراسة التوحد :
القسم الأول : طرق العلاج القائمة على أسس علمية :
وهي تشمل طرق العلاج التي قام بابتكارها علماء متخصصون في العلوم المتعلقة بالتوحد ( كعلم النفس ، والطب النفسي ، وأمراض اللغة ، والتعليم ) وقد أتت طرق العلاج هذه بعد جهود طويلة في البحث العلمي ، ولذا فإنها تملك بعض المصداقية ، على الرغم من الانتقادات التي وجهت لكل من هذه الطرق 0 حيث لا توجد حتى الآن طريقة واحدة خالية من العيوب أو صالحة لعلاج نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالتوحد 0 بالإضافة إلى عدم وجود دراسات علمية دقيقة وأمينة ومحايدة تثبت ، دون شك ، نجاح طرق العلاج هذه 0 على الرغم من وجود دراسات قليلة العدد ، معظمها من قبل مبتكري هذه الطرق ، تثبت نجاح وفاعلية طرق العلاج أو التدخل الخاصة بهم 0 وأود التنبيه إلى أن هناك ثغرات واضحة وكبيرة في كل من هذه الطرق ، على الرغم من أنها مبنية عامة على جهود كبيرة في البحث ، ولذا فإن هناك كثيراً من النقد موجه لهذه الطرق " العلمية " ، ولكنها رغم ذلك فإنها تعتبر محاولات جيدة للوصول إلى طريقة ناجعة لعلاج أو تأهيل الأشخاص التوحديين 0
طريقة لوفاس : ( Lovaas ) وتسمى كذلك بالعلاج السلوكي Behaviour Therapy أو علاج التحليل السلوكيBehaviour Analysis Therapy. ونعتبر واحدة من طرق العلاج السلوكي، ولعلها تكون الأشهر ، حيث تقوم النظرية السلوكية على أساس أنه يمكن التحكم بالسلوك بدراسة البيئة التي يحدث بها والتحكم في العوامل المثيرة لهذا السلوك، حيث يعتبر كل سلوك عبارة عن استجابة لمؤثر ما 0 ومبتكر هذه الطريقة هو Ivor Lovaas أستاذ الطب النفسي في جامعة لوس أنجلوس كاليفورنيا UCLA حيث يدير الآن مركزاً متخصصاً لدراسة وعلاج التوحد 0 والعلاج السلوكي قائم على نظرية السلوكية والاستجابة الشَرطية في علم النفس 0 حيث يتم مكافئة الطفل على كل سلوك جيد ، أو على عدم ارتكاب السلوك السيئ ، كما يتم عقابه ( كقول قف ، أو عدم إعطائه شيئاً يحبه ) على كل سلوك سيئ 0 وطريقة لوفاس هذه تعتمد على استخدام الاستجابة الشرطية بشكل مكثف ، حيث يجب أن لا تقل مدة العلاج السلوكي عن 40 ساعة في الأسبوع ، ولمدة غير محددة 0 وفي التجارب التي قام بها لوفاس وزملاؤه كان سن الأطفال صغيراً، وقد تم انتقاؤهم بطريقة معينة وغير عشوائية ، وقد كانت النتائج إيجابية ، حيث استمر العلاج المكثف لمدة سنتين 0 هذا وتقوم العديد من المراكز باتباع أجزاء من هذه الطريقة 0 وتعتبر هذه الطريقة مكلفة جداً نظراً لارتفاع تكاليف العلاج ، خاصة مع هذا العدد الكبير من الساعات المخصصة للعلاج 0 كما أن كثيراً من الأطفال الذين يؤدون بشكل جيد في العيادة قد لا يستخدمون المهارات التي اكتسبوها في حياتهم العادية 0
* طريقة تيتش : (TEACCH ) أي علاج وتعليم الأطفال المصابين بالتوحد وإعاقات التواصل المشابهة له. ويتم تقديم هذه الخدمة عن طريق مراكز تيتش في ولاية نورث كارولينا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تدار هذه المراكز بوساطة مركز متخصص في جامعة نورث كارولينيا يسمى بـ Division TEACCH ويديره الأساتذة Eric Schopler و Gary Mesibov وهما من كبار الباحثين في مجال التوحد 0 وتمتاز طريقة تيتش بأنها طريقة تعليمية شاملة لا تتعامل مع جانب واحد كاللغة أو السلوك، بل تقدم تأهيلاً متكاملاً للطفل عن طريق مراكز تيتش المنتشرة في الولاية ، كما أنها تمتاز بأن طريقة العلاج مصممة بشكل فردي على حسب احتياجات كل طفل 0 حيث لا يتجاوز عدد الأطفال في الفصل الواحد 5 – 7 أطفال مقابل مدرسة ومساعدة مدرسة ، ويتم تصميم برنامج تعليمي منفصل لكل طفل بحيث يلبي احتياجات هذا الطفل 0
فاست فورورد : ( FastForWord ) وهو عبارة عن برنامج إلكتروني يعمل بالحاسوب ( الكمبيوتر ) ويعمل على تحسين المستوى اللغوي للطفل المصاب بالتوحد 0 وقد تم تصميم برتامج الحاسوب بناء على البحوث العلمية التي قامت بها عالمة علاج اللغة بولا طلال Paula Tallal على مدى 30 سنة تقريباً ، حتى قامت بتصميم هذا البرنامج سنة 1996 ونشرت نتائج بحوثها في ( مجلة العلم ) Science إحدى أكبر المجلات العلمية في العالم 0 حيث بينت في بحثها المنشور أن الأطفال الذين استخدموا البرنامج الذي قامت بتصميمه قد اكتسبوا ما يعادل سنتين من المهارات اللغوية خلال فترة قصيرة 0 وتقوم فكرة هذا البرنامج على وضع سماعات على أذني الطفل ، بينما هو يجلس أمام شاشة الحاسوب ويلعب ويستمع للأصوات الصادرة من هذه اللعب 0 وهذا البرنامج يركز على جانب واحد هو جانب اللغة والاستماع والانتباه ، وبالتالي يفترض أن الطفل قادر على الجلوس مقابل الحاسوب دون وجود عوائق سلوكية. ونظراً للضجة التي عملها هذا الابتكار فقد قامت بولا طلال بتأسيس شركة بعنوان " التعليم العلمي cientific Learning حيث طرحت برنامجها تحت اسم Fast ForWord وقامت بتطويره وابتكار برامج أخرى مشابهة ، كلها تركز على تطوير المهارات اللغوية لدى الأطفال الذين يعانون من مشاكل في النمو اللغوي 0
ولم تجر حتى الآن بحوث علمية محايدة لقياس مدى نجاح هذا البرنامج مع الأطفال التوحديين ، وإن كانت هناك روايات شفهية بأنه قد نجح في زيادة المهارات اللغوية بشكل كبير لدى بعض الأطفال 0
القسم الثاني : طرق العلاج الأخرى ( غير المبنية على أسس علمية واضحة ) :
أولاً : التدريب على التكامل السمعي: وتقوم آراء المؤيدين لهذه الطريقة بأن الأشخاص المصابين للتوحد مصابين بحساسية في السمع فهم إما مفرطين في الحساسية أو عندهم نقص في الحساسية السمعية ولذلك فإن طرق العلاج تقوم على تحسين قدرة السمع لدى هؤلاء عن طريق عمل فحص سمع أولاً ثم يتم وضع سماعات إلى آذان الأشخاص التوحديين بحيث يستمعون لموسيقى تم تركيبها بشكل رقمي ( ديجيتال ) بحيث تؤدي إلى تقليل الحساسية المفرطة، أو زيادة الحساسية في حالة نقصها 0 وفي البحوث التي أجريت حول التكامل أو التدريب السمعي ، كانت هناك بعض النتائج الإيجابية حينما يقوم بتلك البحوث أشخاص مؤيدون لهذه الطريقة أو ممارسون لها، بينما لا توجد نتائج إيجابية في البحوث التي يقوم بها أطراف معارضون أو محايدون، خاصة مع وجود صرامة أكثر في تطبيق المنهج العلمي 0 ولذلك يبقى الجدل مستمراً حول جدوى هذه الطريقة 0
ثانياً : التواصل المُيَّسر ( Facilitated Communication ) وقد حظيت هذه الطريقة على اهتمام إعلامي مباشر ، وتناولتها كثير من وسائل الإعلام الأمريكية ، وتقوم على أساس استخدام لوحة مفاتيح ثم يقوم الطفل باختيار الأحرف المناسبة لتكوين جمل تعبر عن عواطفه وشعوره بمساعدة شخص آخر ، وقد أثبتت معظم التجارب أن معظم الكلام أو المشاعر الناتجة إنما كانت صادرة من هذا الشخص الآخر ، وليس من قبل الشخص التوحدي 0 ولذا فإنها تعتبر من الطرق المنبوذة ، على الرغم من وجود مؤسسات لنشر هذه الطريقة 0
ثالثاً : العلاح بالتكامل الحسي (Sensory Integration Therapy) وهو مأخوذ من علم آخر هو العلاج المهني ، ويقوم على أساس أن الجهاز العصبي يقوم بربط وتكامل جميع الأحاسيس الصادرة من الجسم ، وبالتالي فإن خللاً في ربط أو تجانس هذه الأحاسيس ( مثل حواس الشم ، السمع ، البصر ، اللمس ، التوازن ، التذوق ) قد يؤدي إلى أعراض توحدية 0 ويقوم العلاج على تحليل هذه الأحاسيس ومن ثم العمل على توازنها 0 ولكن في الحقيقة ليس كل الأطفال التوحديين يظهرون أعراضاً تدل على خلل في التوازن الحسي ، كما أنه ليس هناك علاقة واضحة ومثبتة بين نظرية التكامل الحسي ومشكلات اللغة عند الأطفال التوحديين 0 ولكن ذلك لا يعني تجاهل المشكلات الحسية التي يعاني منها بعض الأطفال التوحديين ، حيث يجب مراعاة ذلك أثناء وضع برنامج العلاج الخاص بكل طفل 0 ورغم أن العلاج بالتكامل الحسي يعتبر أكثر "علمية" من التدريب السمعي والتواصل الميسر حيث يمكن بالتأكيد الاستفادة من بعض الطرق المستخدمة فيه، إلا أنني أرى أن هناك مبالغة في التركيز على هذا النوع من العلاج على حساب عوامل أخرى أكثر أهمية